بسم الله الرحمن الرحيم
ما بالُ هذا الشرق (((( كـامـلــة ))))
جـُرحِـي على مـَدِّ المـَدَى غَـلاّبُ * ظُـفـْرٌ هُنـاكَ، وها هُـنا الأنيــابُ
آثــارُها الحمــراءُ أم آثــارُها الـــــســوداءُ ، لا .. بل كلـُّها أوصابُ
ثوبًا لبِستُ فكلُّ جــُرحٍ في الدُّنَـى * جُرحـي وكل جَوارحي أعصابُ
في كـلِّ قـطـرٍ عـنـدنا تـَغـريـبـةٌ * ولكـلِّ شـعــــبٍ عـنـــدنـا نـَــدّابُ
وتحيّـر الحُكـمـاءُ في أدوائـنا * يا دمعـتـي هل ينفــعُ التَّـسكــابُ ؟
منذُ افترقنا مُوحـشٌ هذا المدى * لا مَعبـَـدٌ غــنـّـى ولا زِريـَـــــابُ
لا في دِمشق ترى القصائد أنجُما *لا في العـِراق فقد ذَوَى السيّابُ
لا النيلُ يَرسمُ في المساء قصيدَهُ * لا فيكِ يا بَيـروتُ حـَنّ رَبـــابُ
ما في الجزائر أدمُـع مَنظـومة * لا المَغـربُ الأقصَى فكـُلٌّ ذابــوا
أوَّاهُ .. ما في الغَرب عندي قِبلةٌ * لا في الشّـمَالِ فنـجـمُــه كــذّابُ
لا في الجَنوبِ فكلُّ أفـْقٍ مُظلـم * كـلُّ الـدُّروب أمـامَـنـا سـِـــردابُ
أوّاهُ .. ما في الأرض طَيْفٌ مِن هُدى* فكأنّما فقـدُ الصّـوابِ صَوَابُ
وتَعطـّلَ التفكيـرُ مِنّا والنُّهـَى * وتَجَرّدَتْ مِن حسـِّهـا الأعــصـــابُ
عنْ أيِّ حالٍ للعُروبةِ سائـلي * فالقــومُ شـِيـبٌ عُــجَّــزٌ وشــبــابُ
رُمحٌ يُـطـاعـِنُ نفسهُ مستبسِلا * سيفٌ يُـفـَـلـِّـلُ حَـدَّهُ قـِـرضـــــابُ
والجاهليّــةُ ما تـزالُ فـَـتـِيـّـة ً * وبِحـَلـْيـِـها تـتـزَيـّــنُ الأنـصـــابُ
واللاّتُ والعُـزَّى حُضورٌ دائمٌ * والقـومُ تَعرفـُهم فـهـمْ أعـــــــرابُ
وغيـابُنا اليوميُّ مِيزةُ عصرِنا * وحُضورُنا في العـالميـنَ غِيـَـابُ
نلهـو مع التـّاريـخ في أحـلامنا * ونـُـفيـقُ لا مـَجــدٌ ولا أثــــوابُ
كـلٌّ على عيـْنيـْه ليلُ عِصابةٍ * كلٌّ علـى فـمـِــهِ المُـقـَـيـّــدِ نـــابُ
ولكـلِّ قـارعـةٍ لنـا مـُسـتـَثـمِرٌ * ولـكـلِّ فـاجــعـــةٍ لـنــا عـَـــــرّابُ
وعـُكـاظ ُ بالشـعـراء سوقٌ حافِلٌ * غـَزَلٌ ومَـدحٌ كــاذِبٌ وسِــبـابُ
يَتـنـاشـدونَ وَقائـعًا لا تَنتـهي * كـلـِماتـُـهـم وحـُروفـُهـم ألـعـــابُ
واغْتـالـنا التـّاريـخُ يا عربَ الخَنَا * واغـتـالـنا الشعراءُ والكُتـّـابُ
يا شاعرًا بذُهولِهِ فَقَدَ الرُّؤَى * وبـِفـِـيـهِ كـمْ يـَـتـَجَـــذّرُ التـّـثـْــآبُ
أبيـاتُـهُ مِـن سُكـرِها في حِانـةٍ * وحُـروفـُـهُ فـي حـَلـقـِـهِ كـُـــلاّبُ
و غَفَى فأغـْفـَينا جميعًا حولَهُ * والخَطبُ حولَ عيونِـنا صَـخّـابُ
اِجـْلـُدْ عُمَيـْرَةَ لا هَنَتْ لكَ رَعشة ٌ*واجلـدْ عُمَيرَةَ لا زَكَـَى الإنجابُ
فإلى متى هذا الغُروبُ إلى متـَى* والقـَيـْـدُ فـي أقـدامـِنا جـَـذّابُ
ما يَرتـَقي نَجـمٌ بآفـاقِ العُــلا * إلا وتـأفـُـلُ نـَجـمــة ٌ وشِــهــابُ
وطـنٌ نـَخـافُ الرِّيـحَ أنْ تـَجتـَثـَّهُ * ما فيـه لا عـَمَـدٌ ولا أطـنابُ
يَسخـو بـه الأعداءُ يُرمَى بيننا * فغُبـارُنا من حـولـه جـِلـبـــابُ
يَتقاتلُ الصِّدِّيقُ والفاروق فـي * ذَرّاتـِهِ ، يَجـتـاحُـنا الإرهــابُ
لم نَحتـَرفْ لِبـْسَ العَمائـمِ واللِّـحَى * إلاّ لأنـّا أَذْؤُبٌ وكـِـــــلابُ
لم نَلبـَسِ السِّروالَ منذُ تـَـهَرّأتْ * أثوابُنا ، فـفـًُروجُنا أســلابُ
في عالمي العربيِّ وَهْمٌ راسخٌ* في العَظم، في التاريخ منه نُعابُ
نَزهُو ونفخرُ أنّنا من يَعرُبٍ * بُرهانـُنا القـَسَمَـاتُ والأنـسـابُ
وَجهٌ جِدارِيُّ المَلامِحِ كالِحٌ * والحُـزنُ في قـَسـمـاتـه صَـخـّابُ
والمَجدُ يُنكِرُ أنـّنا مِن صُلبهِ * والعَيبُ أنْ تـتـنـكـّـرَ الأصــلابُ
في عالمي العَربيِّ حَشدُ خَرائطٍ * صُفـّتْ كما تترتّـبُ الأكـوابُ
مِن فوق كلِّ خَريطةٍ سيفُ الرَّدَى * وبـِبـابـِها يَتـربـّعُ البـَوّابُ
يَنهَى ويأمُرُ لا مَـرَدَّ لحُـكـمِـهِ * وتَعـدّدتْ في أرضـنا الأربـابُ
مَلِكُ الملوكِ وخادِمُ العَتبَات أو * سيفُ الزمانِ، وكلُّها ألقـابُ
تاجٌ ويـَعجِـزُ مَن يَعـُدُّ نُجومَهُ * صــدرٌ وفيـه مـؤرِّخ كــــذّابُ
لاشيءَ مثلـُك يا زعيمُ فجـُدْ لنا* نحنُ الجيَاعُ ووحدَك الوهّابُ
فَرَمَانُ سُلطـانِ العُروبةِ نافـِذٌ * واللهُ لا راضٍ ولا غـَـــــــلاّبُ
والخطبةُ العصماءُ تُزري بالنهى* وتحـارُ في تأويلها الألبابُ
قرعوا براميلَ السُّلافِ مَليئـة ً * بالنـِّفـطِ حتى ضَجَّتْ الأنخابُ
يا أمـّة نَسِيَـت كتائبَ مَجـدِهـا * وكتابَـها، أبـنـاؤها قـد شـابـوا
نـُمسي ونُصبِحُ في الأنين كأننا * جرحـَى وما لجراحـنا أسبابُ
كلاَّ..فبعضُ جراحِنا مَدفونة ٌ* تحت الجراح وبعضُـها استطبابُ
قمنا نُجرِّبُ كل طبٍّ حولنا * والطـبُّ حرفٌ في اللـُّهـى وكتـابُ
لـُغتي الذبيحة ُمنذ قرن لم تعُـد* لغتـي وقومي ها هنا أغـرابُ
والضّادُ أضْرَبَ في اللهاة تَمَرُّدًا* لا النحوُ يَشفعُ لا ولا الإعرابُ
قـُِتلَ الفرزدقُ بيننا في مَحفَـلٍ * وتـَراقصَتْ من حولـِهِ الأذنابُ
فلِمَنْ أقولُ الشعرَ، تأبَى صَرخةٌ * نَجْتـَرُّها، كلُّ الكـلامِ خَـرابُ
ولِمَنْ أقولُ الشعرَ، تأبَى دمعةٌ* في الجَفنِ لا تَجري ولا تـَنسابُ
ولِمَنْ أقولُ الشعرَ، حَرفي طَلسَمٌ* والنفسُ ترفـُضُ كلّها إضرابُ
لم يُغْرٍني السُّكْرُ الذي عايَنتُه* في الكاس، في الإبريق يا أصحابُ
أنا لن أقولَ: الشعرُ خمرٌ فاشربوا *أخشَى بأنْ تَتحـطـّمَ الأكوابُ
في عالمي العربِيِّ شِعرٌ بَحرُهُ * هَـذي الدُّمـوعُ وعُمـرُه الأحقـابُ
في عالمي العربِيٌّ شِعرٌ نَبضـُهُ * وَيـْـلٌ وحَـسـرَةُ أكـبـُدٍ وعــذابُ
في عالمي العربِيِّ ألـفُ حَمامـةٍ * مَسجــونـةٍ سَجّـانـُـها مُـرتـابُ
وقصيدةً كالرّوْضِ تَحفَـلُ بالرؤى* كصَـدًى يُرَدِّدُ لَحنـَهُ المِحرابُ
أفنانـُها الخضراءُ نـاءتْ بالمُنَى * ويَـميـلُ كالمُـتـَهـَـدِّلِ العُنـّـابُ
قـُمْنـا وَأدْنـاها ؛ وتِلكـمْ سُـنـّـةٌ * فـيـنا ، لكـلِّ بـَديعــةٍ عـيـّــــابُ
فلِمَنْ أقولُ الشعرَ ؛ مَن يَـأبـَهْ بهِ * فإذا فـَعلـتُ فإنـّـنـي نـَصّـــابُ
ولِمَنْ أَصُبُّ الخَمرَ، حَوْلي أعيُـنٌ* ظمأى تساءَلُ أينَ.. أينَ البابُ ؟
أنا لن أقولَ الشعرَ كيْ تَغفـو المُنَى * وتـَنـامُ في أحلامِها الألبـابُ
أنا لن أقولَ الشعرَ، حَسبي ما أرَى* في الخافِقيْن فهل هُناك جَوابُ؟
الشعرُ يَشدو كالهَديلِ، وكالشّذَى* يَسري، فتصمُتُ بُومة ٌوغُرابُ
أنا .. لوْ أقولُ الشعرَ، يُزهِرُ بالمُنَى* شجَرُ الأرُزِّ، ويُثمِـرُ اللبلابُ
أنا لو أقولُ الشعرَ تَصحو غَيْمـة ٌ * مِن سُكرِها وتـُشـَرَّعُ الأبوابُ
أنا لو أقولُ الشعرَ تَضحكُ دمعة ٌ * في الخافِقيْنِ وتـَبسِمُ الأهـدابُ
وقصيدتي لو شئتُ، بِكرٌ لم تزل* خضراءَ في عِـزِّ الشّبابِ كَـَعَـابُ
تَختالُ تحت غُـلالـةٍ مِن نُورها * ولِحُسنِـها تَـتـنافـَسُ الخُـطـّــابُ
مَمهورةٌ بالدّمعِ زَاكٍ ، والدِّمَا * طـُهرًا ، وسوقُ عُكاظِـها جَـلاّبُ
أنا مُطرِبُ الشعراءِ في أحزانهم * وسليـلُ بنت الرّاحِ يا أحبــابُ
لكنّ ألحــانـي على إيـقـاعـِـها * مَغـمـومـة ٌ ورَبَـابَتـي أوصـابُ
لميَـاءُ كـُفِّي عن مُشاغَبتي فمـا * في القلب من أوجاعنا إطرابُ
يا أيُّها الضّادُ المُقـَدَّسُ بُورِكتْ * أنـداؤكَ الغَـرَّاءُ وهْـيَ رُضـابُ
عـُدْ للعُروبةِ فالمَلاحمُ جَـمّـة ٌ * ودمُ الجـِراحِ بخـاطـري شَخـّابُ
عـُدْ للحياةِ فقـد ذوَتْ أوراقـُنا * واستـُلَّ مـاءُ العـُـود فهْوَ يَـبـَابُ
عـُدْ للكِتـابِ فأحرُفي مأسـورةٌ * عـُـدْ للكـَـتــائـبِ إنـّهـا هـُــرّابُ
منذُ افترَقـْنا ماتَ فينا خالـدٌ * وفـَيَـالـِقُ الفـَتـْحِ الجـَليـلِ سـَــرابُ
وتراجعَ الفـَتحُ المُظفـّرُ خائبًا * هَــرِمَ الجَوادُ وفُـلـِّـلَ القِـرضابُ
وقفَ المُثنـّى كالمُعنـّـى ذاهـِلا * وتحـيّــرَ القعـقــاعُ والخـطّــابُ
اِصرُخْ كرَعـدٍ لن يُجاوِبَـكَ الصَّدَى* واهتِـفْ بوَعدٍ لن يُفتَّحَ بابُ
وطوَى بنا التاريخُ صَفحة َمَجدهِ*جَـفَّ الثرى، وتقوَّضَ المِحرابُ
لن تَسمَعوا مِن بَعـدِنا تغريـدةً * فالغُصـنُ ذاوٍ والطيـورُ غِضـابُ
يا أيُّها الضّادُ المُغيّـبُ ، رجـعة ً * كالبَعـثِ في أوصالِـنا تنسـابُ
في عِـزِّ آلامي تُغيّـبُ صامِتًا * وبـذُروَةِ الخَطـبِ الجَليـلِ تـُصابُ
وبقِـمّة الإلهامِ تُقطعُ رؤيَتي * وتـُسـَـد ُّ عـن دقـّاتـــيَ الأبــــوابُ
عـُدْ للطبيعـةِ إنّها مَهـمـومة ٌ * مِن غيـرِ لحنِـكَ كـلُّ لحـنٍ صـابُ
مِن بَعد ذاكَ الفتحِ في آفاقِها * نُغزَى ونُخـزَى ، أمـرُنا عُـجّـابُ
جَـدِّي الذي وَطأتْ سَنابِكُ خَيلهِ* بفِراشِ كِسرَى، يُزدَرَى ويُعـابُ
ورُكوعِ كِسرَى ، لا لِهَيبةِ نارِهِ * بل للهُـدَى، أفتُجهلُ الأسبـابُ ؟
ووَداعِ قَيصَرَ للشّـآم بدَمعةٍ * وبتـاج كِسـرَى تَـلعـبُ الأعــرابُ
مِنْ بَعدِ ذلك كلـِّهِ يا لَوعـتـي * دارَ الزمـانُ ودارتِ الأحــقــابُ
مِن بَعدِ ما كـُنّا رؤوسًا في العُلا * ها نحـنُ في أدبـارها أذنـابُ
مَن ذا يُصدِّقُ ما جرَى في عالمي* لا الشّاعِرونَ بَكوْا ولا الكُتّابُ
دخلَ الغريبُ لِعُقرِ دارِكَ شاهرًا * ما تَستـَحِـي مِن ذِكرِهِ الآدابُ
عَرَّّى حَريمَكَ واستباحَكَ راغِمًا * فعلى الفَضيـلةِ تلطِـمُ النُّـدَّابُ
نُزِعَ النِّقابُ عن الحَيَاءِ تَقزُّزا * فوُجوهُنا قـَسَماتـُهُنّ شِــحــاب ُ
مهما وَضعنا من مَساحيقِ الدُّنَى* فوُجـوهُـنا رُومِيـّةٌ صِـقـلابُ
وتوَزّعتْ أسلابُنا في أرضِنا * حتى تَهارَشَ في الحَريم كِـلابُ
وبِجَرّةِ القلمِ المُطبِّـعِ صُودِرَتْ * أحلامُـنا ، فعيـُونُنا استِغرابُ
يا أيُّها الضّادُ المُـرجّـعُ لحنـُهُ * وحَمـامُـهُ فـي دَوحِهِ نـَـحـَّــابُ
عـُدْ فالعروبة ُ كالغَريبةِ وِحدةً * والشِّعرُ غابَ، وجَلّتِ الأسبابُ
جـُرحِـي على مـَدِّ المـَدَى غَـلاّبُ * ظُـفـْرٌ هُنـاكَ، وها هُـنا الأنيــابُ
آثــارُها الحمــراءُ أم آثــارُها الـــــســوداءُ ، لا .. بل كلـُّها أوصابُ
ثوبًا لبِستُ فكلُّ جــُرحٍ في الدُّنَـى * جُرحـي وكل جَوارحي أعصابُ
في كـلِّ قـطـرٍ عـنـدنا تـَغـريـبـةٌ * ولكـلِّ شـعــــبٍ عـنـــدنـا نـَــدّابُ
وتحيّـر الحُكـمـاءُ في أدوائـنا * يا دمعـتـي هل ينفــعُ التَّـسكــابُ ؟
منذُ افترقنا مُوحـشٌ هذا المدى * لا مَعبـَـدٌ غــنـّـى ولا زِريـَـــــابُ
لا في دِمشق ترى القصائد أنجُما *لا في العـِراق فقد ذَوَى السيّابُ
لا النيلُ يَرسمُ في المساء قصيدَهُ * لا فيكِ يا بَيـروتُ حـَنّ رَبـــابُ
ما في الجزائر أدمُـع مَنظـومة * لا المَغـربُ الأقصَى فكـُلٌّ ذابــوا
أوَّاهُ .. ما في الغَرب عندي قِبلةٌ * لا في الشّـمَالِ فنـجـمُــه كــذّابُ
لا في الجَنوبِ فكلُّ أفـْقٍ مُظلـم * كـلُّ الـدُّروب أمـامَـنـا سـِـــردابُ
أوّاهُ .. ما في الأرض طَيْفٌ مِن هُدى* فكأنّما فقـدُ الصّـوابِ صَوَابُ
وتَعطـّلَ التفكيـرُ مِنّا والنُّهـَى * وتَجَرّدَتْ مِن حسـِّهـا الأعــصـــابُ
عنْ أيِّ حالٍ للعُروبةِ سائـلي * فالقــومُ شـِيـبٌ عُــجَّــزٌ وشــبــابُ
رُمحٌ يُـطـاعـِنُ نفسهُ مستبسِلا * سيفٌ يُـفـَـلـِّـلُ حَـدَّهُ قـِـرضـــــابُ
والجاهليّــةُ ما تـزالُ فـَـتـِيـّـة ً * وبِحـَلـْيـِـها تـتـزَيـّــنُ الأنـصـــابُ
واللاّتُ والعُـزَّى حُضورٌ دائمٌ * والقـومُ تَعرفـُهم فـهـمْ أعـــــــرابُ
وغيـابُنا اليوميُّ مِيزةُ عصرِنا * وحُضورُنا في العـالميـنَ غِيـَـابُ
نلهـو مع التـّاريـخ في أحـلامنا * ونـُـفيـقُ لا مـَجــدٌ ولا أثــــوابُ
كـلٌّ على عيـْنيـْه ليلُ عِصابةٍ * كلٌّ علـى فـمـِــهِ المُـقـَـيـّــدِ نـــابُ
ولكـلِّ قـارعـةٍ لنـا مـُسـتـَثـمِرٌ * ولـكـلِّ فـاجــعـــةٍ لـنــا عـَـــــرّابُ
وعـُكـاظ ُ بالشـعـراء سوقٌ حافِلٌ * غـَزَلٌ ومَـدحٌ كــاذِبٌ وسِــبـابُ
يَتـنـاشـدونَ وَقائـعًا لا تَنتـهي * كـلـِماتـُـهـم وحـُروفـُهـم ألـعـــابُ
واغْتـالـنا التـّاريـخُ يا عربَ الخَنَا * واغـتـالـنا الشعراءُ والكُتـّـابُ
يا شاعرًا بذُهولِهِ فَقَدَ الرُّؤَى * وبـِفـِـيـهِ كـمْ يـَـتـَجَـــذّرُ التـّـثـْــآبُ
أبيـاتُـهُ مِـن سُكـرِها في حِانـةٍ * وحُـروفـُـهُ فـي حـَلـقـِـهِ كـُـــلاّبُ
و غَفَى فأغـْفـَينا جميعًا حولَهُ * والخَطبُ حولَ عيونِـنا صَـخّـابُ
اِجـْلـُدْ عُمَيـْرَةَ لا هَنَتْ لكَ رَعشة ٌ*واجلـدْ عُمَيرَةَ لا زَكَـَى الإنجابُ
فإلى متى هذا الغُروبُ إلى متـَى* والقـَيـْـدُ فـي أقـدامـِنا جـَـذّابُ
ما يَرتـَقي نَجـمٌ بآفـاقِ العُــلا * إلا وتـأفـُـلُ نـَجـمــة ٌ وشِــهــابُ
وطـنٌ نـَخـافُ الرِّيـحَ أنْ تـَجتـَثـَّهُ * ما فيـه لا عـَمَـدٌ ولا أطـنابُ
يَسخـو بـه الأعداءُ يُرمَى بيننا * فغُبـارُنا من حـولـه جـِلـبـــابُ
يَتقاتلُ الصِّدِّيقُ والفاروق فـي * ذَرّاتـِهِ ، يَجـتـاحُـنا الإرهــابُ
لم نَحتـَرفْ لِبـْسَ العَمائـمِ واللِّـحَى * إلاّ لأنـّا أَذْؤُبٌ وكـِـــــلابُ
لم نَلبـَسِ السِّروالَ منذُ تـَـهَرّأتْ * أثوابُنا ، فـفـًُروجُنا أســلابُ
في عالمي العربيِّ وَهْمٌ راسخٌ* في العَظم، في التاريخ منه نُعابُ
نَزهُو ونفخرُ أنّنا من يَعرُبٍ * بُرهانـُنا القـَسَمَـاتُ والأنـسـابُ
وَجهٌ جِدارِيُّ المَلامِحِ كالِحٌ * والحُـزنُ في قـَسـمـاتـه صَـخـّابُ
والمَجدُ يُنكِرُ أنـّنا مِن صُلبهِ * والعَيبُ أنْ تـتـنـكـّـرَ الأصــلابُ
في عالمي العَربيِّ حَشدُ خَرائطٍ * صُفـّتْ كما تترتّـبُ الأكـوابُ
مِن فوق كلِّ خَريطةٍ سيفُ الرَّدَى * وبـِبـابـِها يَتـربـّعُ البـَوّابُ
يَنهَى ويأمُرُ لا مَـرَدَّ لحُـكـمِـهِ * وتَعـدّدتْ في أرضـنا الأربـابُ
مَلِكُ الملوكِ وخادِمُ العَتبَات أو * سيفُ الزمانِ، وكلُّها ألقـابُ
تاجٌ ويـَعجِـزُ مَن يَعـُدُّ نُجومَهُ * صــدرٌ وفيـه مـؤرِّخ كــــذّابُ
لاشيءَ مثلـُك يا زعيمُ فجـُدْ لنا* نحنُ الجيَاعُ ووحدَك الوهّابُ
فَرَمَانُ سُلطـانِ العُروبةِ نافـِذٌ * واللهُ لا راضٍ ولا غـَـــــــلاّبُ
والخطبةُ العصماءُ تُزري بالنهى* وتحـارُ في تأويلها الألبابُ
قرعوا براميلَ السُّلافِ مَليئـة ً * بالنـِّفـطِ حتى ضَجَّتْ الأنخابُ
يا أمـّة نَسِيَـت كتائبَ مَجـدِهـا * وكتابَـها، أبـنـاؤها قـد شـابـوا
نـُمسي ونُصبِحُ في الأنين كأننا * جرحـَى وما لجراحـنا أسبابُ
كلاَّ..فبعضُ جراحِنا مَدفونة ٌ* تحت الجراح وبعضُـها استطبابُ
قمنا نُجرِّبُ كل طبٍّ حولنا * والطـبُّ حرفٌ في اللـُّهـى وكتـابُ
لـُغتي الذبيحة ُمنذ قرن لم تعُـد* لغتـي وقومي ها هنا أغـرابُ
والضّادُ أضْرَبَ في اللهاة تَمَرُّدًا* لا النحوُ يَشفعُ لا ولا الإعرابُ
قـُِتلَ الفرزدقُ بيننا في مَحفَـلٍ * وتـَراقصَتْ من حولـِهِ الأذنابُ
فلِمَنْ أقولُ الشعرَ، تأبَى صَرخةٌ * نَجْتـَرُّها، كلُّ الكـلامِ خَـرابُ
ولِمَنْ أقولُ الشعرَ، تأبَى دمعةٌ* في الجَفنِ لا تَجري ولا تـَنسابُ
ولِمَنْ أقولُ الشعرَ، حَرفي طَلسَمٌ* والنفسُ ترفـُضُ كلّها إضرابُ
لم يُغْرٍني السُّكْرُ الذي عايَنتُه* في الكاس، في الإبريق يا أصحابُ
أنا لن أقولَ: الشعرُ خمرٌ فاشربوا *أخشَى بأنْ تَتحـطـّمَ الأكوابُ
في عالمي العربِيِّ شِعرٌ بَحرُهُ * هَـذي الدُّمـوعُ وعُمـرُه الأحقـابُ
في عالمي العربِيٌّ شِعرٌ نَبضـُهُ * وَيـْـلٌ وحَـسـرَةُ أكـبـُدٍ وعــذابُ
في عالمي العربِيِّ ألـفُ حَمامـةٍ * مَسجــونـةٍ سَجّـانـُـها مُـرتـابُ
وقصيدةً كالرّوْضِ تَحفَـلُ بالرؤى* كصَـدًى يُرَدِّدُ لَحنـَهُ المِحرابُ
أفنانـُها الخضراءُ نـاءتْ بالمُنَى * ويَـميـلُ كالمُـتـَهـَـدِّلِ العُنـّـابُ
قـُمْنـا وَأدْنـاها ؛ وتِلكـمْ سُـنـّـةٌ * فـيـنا ، لكـلِّ بـَديعــةٍ عـيـّــــابُ
فلِمَنْ أقولُ الشعرَ ؛ مَن يَـأبـَهْ بهِ * فإذا فـَعلـتُ فإنـّـنـي نـَصّـــابُ
ولِمَنْ أَصُبُّ الخَمرَ، حَوْلي أعيُـنٌ* ظمأى تساءَلُ أينَ.. أينَ البابُ ؟
أنا لن أقولَ الشعرَ كيْ تَغفـو المُنَى * وتـَنـامُ في أحلامِها الألبـابُ
أنا لن أقولَ الشعرَ، حَسبي ما أرَى* في الخافِقيْن فهل هُناك جَوابُ؟
الشعرُ يَشدو كالهَديلِ، وكالشّذَى* يَسري، فتصمُتُ بُومة ٌوغُرابُ
أنا .. لوْ أقولُ الشعرَ، يُزهِرُ بالمُنَى* شجَرُ الأرُزِّ، ويُثمِـرُ اللبلابُ
أنا لو أقولُ الشعرَ تَصحو غَيْمـة ٌ * مِن سُكرِها وتـُشـَرَّعُ الأبوابُ
أنا لو أقولُ الشعرَ تَضحكُ دمعة ٌ * في الخافِقيْنِ وتـَبسِمُ الأهـدابُ
وقصيدتي لو شئتُ، بِكرٌ لم تزل* خضراءَ في عِـزِّ الشّبابِ كَـَعَـابُ
تَختالُ تحت غُـلالـةٍ مِن نُورها * ولِحُسنِـها تَـتـنافـَسُ الخُـطـّــابُ
مَمهورةٌ بالدّمعِ زَاكٍ ، والدِّمَا * طـُهرًا ، وسوقُ عُكاظِـها جَـلاّبُ
أنا مُطرِبُ الشعراءِ في أحزانهم * وسليـلُ بنت الرّاحِ يا أحبــابُ
لكنّ ألحــانـي على إيـقـاعـِـها * مَغـمـومـة ٌ ورَبَـابَتـي أوصـابُ
لميَـاءُ كـُفِّي عن مُشاغَبتي فمـا * في القلب من أوجاعنا إطرابُ
يا أيُّها الضّادُ المُقـَدَّسُ بُورِكتْ * أنـداؤكَ الغَـرَّاءُ وهْـيَ رُضـابُ
عـُدْ للعُروبةِ فالمَلاحمُ جَـمّـة ٌ * ودمُ الجـِراحِ بخـاطـري شَخـّابُ
عـُدْ للحياةِ فقـد ذوَتْ أوراقـُنا * واستـُلَّ مـاءُ العـُـود فهْوَ يَـبـَابُ
عـُدْ للكِتـابِ فأحرُفي مأسـورةٌ * عـُـدْ للكـَـتــائـبِ إنـّهـا هـُــرّابُ
منذُ افترَقـْنا ماتَ فينا خالـدٌ * وفـَيَـالـِقُ الفـَتـْحِ الجـَليـلِ سـَــرابُ
وتراجعَ الفـَتحُ المُظفـّرُ خائبًا * هَــرِمَ الجَوادُ وفُـلـِّـلَ القِـرضابُ
وقفَ المُثنـّى كالمُعنـّـى ذاهـِلا * وتحـيّــرَ القعـقــاعُ والخـطّــابُ
اِصرُخْ كرَعـدٍ لن يُجاوِبَـكَ الصَّدَى* واهتِـفْ بوَعدٍ لن يُفتَّحَ بابُ
وطوَى بنا التاريخُ صَفحة َمَجدهِ*جَـفَّ الثرى، وتقوَّضَ المِحرابُ
لن تَسمَعوا مِن بَعـدِنا تغريـدةً * فالغُصـنُ ذاوٍ والطيـورُ غِضـابُ
يا أيُّها الضّادُ المُغيّـبُ ، رجـعة ً * كالبَعـثِ في أوصالِـنا تنسـابُ
في عِـزِّ آلامي تُغيّـبُ صامِتًا * وبـذُروَةِ الخَطـبِ الجَليـلِ تـُصابُ
وبقِـمّة الإلهامِ تُقطعُ رؤيَتي * وتـُسـَـد ُّ عـن دقـّاتـــيَ الأبــــوابُ
عـُدْ للطبيعـةِ إنّها مَهـمـومة ٌ * مِن غيـرِ لحنِـكَ كـلُّ لحـنٍ صـابُ
مِن بَعد ذاكَ الفتحِ في آفاقِها * نُغزَى ونُخـزَى ، أمـرُنا عُـجّـابُ
جَـدِّي الذي وَطأتْ سَنابِكُ خَيلهِ* بفِراشِ كِسرَى، يُزدَرَى ويُعـابُ
ورُكوعِ كِسرَى ، لا لِهَيبةِ نارِهِ * بل للهُـدَى، أفتُجهلُ الأسبـابُ ؟
ووَداعِ قَيصَرَ للشّـآم بدَمعةٍ * وبتـاج كِسـرَى تَـلعـبُ الأعــرابُ
مِنْ بَعدِ ذلك كلـِّهِ يا لَوعـتـي * دارَ الزمـانُ ودارتِ الأحــقــابُ
مِن بَعدِ ما كـُنّا رؤوسًا في العُلا * ها نحـنُ في أدبـارها أذنـابُ
مَن ذا يُصدِّقُ ما جرَى في عالمي* لا الشّاعِرونَ بَكوْا ولا الكُتّابُ
دخلَ الغريبُ لِعُقرِ دارِكَ شاهرًا * ما تَستـَحِـي مِن ذِكرِهِ الآدابُ
عَرَّّى حَريمَكَ واستباحَكَ راغِمًا * فعلى الفَضيـلةِ تلطِـمُ النُّـدَّابُ
نُزِعَ النِّقابُ عن الحَيَاءِ تَقزُّزا * فوُجوهُنا قـَسَماتـُهُنّ شِــحــاب ُ
مهما وَضعنا من مَساحيقِ الدُّنَى* فوُجـوهُـنا رُومِيـّةٌ صِـقـلابُ
وتوَزّعتْ أسلابُنا في أرضِنا * حتى تَهارَشَ في الحَريم كِـلابُ
وبِجَرّةِ القلمِ المُطبِّـعِ صُودِرَتْ * أحلامُـنا ، فعيـُونُنا استِغرابُ
يا أيُّها الضّادُ المُـرجّـعُ لحنـُهُ * وحَمـامُـهُ فـي دَوحِهِ نـَـحـَّــابُ
عـُدْ فالعروبة ُ كالغَريبةِ وِحدةً * والشِّعرُ غابَ، وجَلّتِ الأسبابُ