الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الانام ومصباح الظلام واله وصحبه الكرام أما بعد :
البكاء عند التلاوة والذكر صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين قال الله تعالى :"إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا".سورة الإسراء , الآيات : 107-109
قال القرطبي –رحمه الله -:" قوله تعالى:"ويخرون للأذقان يبكون"هذه مبالغة في وصفهم ومدح لهم وحق لكل من توسم بالعلم وحصل منه شيئا أن يجري الى هذه المرتبة فيخشع عند استماع القرآن ويخضع ويذل قال وفي الآية دليل على جواز البكاء في الصلاة من خوف الله تعالى أو على معصيته في دين الله وأن ذلك لا يقطعها ولا يضرها ".
كان عبد الأعلى التيمي يقول :"من أوتي من العلم مالا يبكيه لخليق ألا يكون أوتي علما ينفعه لأن الله تعالى نعت العلماء فقال:" إن الذين أوتوا العلم... الى قوله يبكون ويزيدهم خشوعا".
"وإن مايحصل عند الإستماع لآيات الله والذكر المشروع من وجل القلب ودمع العين وإقشعرار الجسوم فهذا أفضل الأحوال التي نطق بها الكتاب والسنة ".
قال تعالى:"الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء"سورة الزمر, الآية: 23 وقال تعالى:"إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا"}سورة مريم , الآية:58{.قال القرطبي رحمه الله :"في هذه الآية دلالة على أن لآيات الرحمن تأثير في القلوب".
معنى البكاء وأنواعه
قال الراغب:بكى يبكي بكاء فالبكاء بالمد : سيلان الدمع عن حزن وعويل.
* أنواع البكاء:
قال ابن القيم –رحمه الله-
البكاء أنواع:
الأول: بكاء الرحمة والرقة.
الثاني: بكاء الخوف والخشية .
الثالث:بكاء المحبة والشوق.
الرابع:بكاء الفرح والسرور.
الخامس:بكاء الجزع من ورود المؤلم وعدم إحتماله.
السادس:بكاء الحزن0
والفرق بين بكاء الحزن وبين بكاء الخوف :أن بكاء الحزن يكون على ما مضى وبكاء الخوف يكون لما يتوقع في المستقبل والفرق بين بكاء الفرح وبكاء الحزن:
أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان ودمعة الحزن حارة والقلب حزين.
السابع:بكاء الخوف والضعف.
الثامن:بكاء النفاق وهو أن تدمع العين والقلب قاس فيظهر صاحبه الخشوع وهو من أقسى الناس قلبا.
التاسع:البكاء المستعار والمستأجر عليه كبكاء النائحة بالأجرة.
العاشر:بكاء الموافقة وهو أن يرى الرجل الناس يبكون لأمر ورد عليهم فيبكي معهم ولا يدري لأي شيء يبكون ولكن يراهم يبكون فيبكي.
* أنواع التباكي:
قال:وما كان منه مستدعى متكلفا فهو التباكي وهو نوعان:
1-تباكي محمود.
2-تباكي مذموم.
فالمحمود: أن يستجلب لرقة القلبو لخشية الله لا للرياء والسمعة قال عمررضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم وقد رآه يبكي هو وأبو بكر في شأن أسرى بدر: أخبرني ما يبكيك يا رسول الله؟ لإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد تباكيت لبكائكما ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال بعض السلف:" ابكوا من خشية الله فإن لم تبكوا فتباكوا".
وأما المذموم: فهو أن يجتلب لأجل الخلق .
وكم نرى ونسمع من يتباكى لأجل مصلحة مادية أو لأجل الرياء والسمعة.
أللهم أجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه